بسم الله الرحمان الرحيم
﴿
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا
لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ
أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) ﴾ .
عن
ابن عباس : قال : ( نزل القرآن كلّه جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى
السماء الدنيا ، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئًا ، أنزله منه
حتى جمعه ، وكان بين أوله وآخره عشرون سنة ) .
وقال
ابن كثير : يخبر تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ، وهي الليلة المباركة
التي قال الله عز وجل : ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ﴾
، وهي ليلة القدر ، وهي من شهر رمضان ، كما قال تعالى : ﴿ شَهْرُ
رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ . قال ابن عباس وغيره :
أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزّة من السماء
الدنيا ، ثم نزل مفصّلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله r .
ثم
قال تعالى معظّمًا لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها
فقال :﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ . وعن مجاهد : ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ ليلة
الحكم . قال الحسن : ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ ، فيها يقضي
الله كلّ أجل وعمل ورزق إلى مثلها . وعن مجاهد : ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ قال : عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر .
قال قتادة : ﴿ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ ، ليس فيها ليلة القدر . ﴿
تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ
أَمْرٍ ﴾ قال قتادة : يقضي فيها ما يكون في السنة إلى مثلها . ﴿ سَلَامٌ
هِيَ ﴾ ، قال : خير كلّها ﴿ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ ، إلى مطلع الفجر .
وفي الصحيحين أن رسول الله r قال : « تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر » .
وقال r : « من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه » .
وقد
اختلف العلماء في تعيينها ، والجمهور أنها ليلة سبع وعشرين ، وما استنبطه
بعضهم من عدد كلمات السورة وقد وافق قوله فيها : ﴿ هِيَ ﴾ سابع كلمة بعد
العشرين ؛ قال ابن عطية : ( إنه من ملح التفاسير ، وليس من متين العلم ) .
والله أعلم .
منقول من تفسير الشيخ فيصل آل مبارك توفيق الرحمن في دروس القرآن